عباطه مشرف
رقم العضوية : 3 عدد المساهمات : 51 نقاط : 4655 الدولة : السعودية التسجيل : 28/09/2012 التقييم : 52 الجنس :
| موضوع: حقيقة حادث ابن طارق الحبيب ؟! 28/9/2012, 01:35 | |
|
*****
أسأل الله أن يشفي ابن الدكتور طارق وكل المصابين ويقر أعين أهلهم بمشاهدتهم سالمين معافين . حقيقة أن ابن طارق الحبيب لم يكن ضحية لشاب متهور في اليوم الوطني الحقيقة أنه ضحية ثقافة مجتمع وظاهرة قاتلة أسبابها اجتماعية وأخلاقية ونظامية وشرعية ، فمحاولة ربطها باليوم الوطني محاولة غير موضوعية والقفز على الأسباب الحقيقية لهذه الحادث الشنيعة أما إنها نابعة من أسباب عاطفية نفسية لحظتها أو لأسباب مؤد لجة فأحدهم أحضر صورة قريب له تعرض لحادث في اليوم الوطني شفاه الله بسبب موقفه الرافض لليوم الوطني ذاته كمحاولة لتبرير موقفه المؤدلج تجاه هذا اليوم الوطني وفي نفس الوقت تجد لها مئات المحاضرات واللقاءات والمقالات والتغريدات لم يتحدث فيها البته عن ظاهرة الحوادث المرورية بل الأدهى أنه هو قد لا يكون ملتزما بالأنظمة المرورية ، فهذه المعالجة لا تأتي بنتائج مثمرة فهي ردة فعل تنتهي بزوال تلك المسببات الهامشية . فأعود وأقول أن ابن طارق الحبيب هو ضحية لثقافة مجتمع والدليل أن الحوادث التي تقع بعيدا عن هذا اليوم الوطني وفي الأيام العادية أضعاف مضاعفة لما وقع في اليوم الوطني والحوادث التي تقع في الأيام الأخرى المشابهة لليوم الوطني أيضا أكثر بكثير .
ولو منعنا اليوم الوطني أو أي احتفال فلا يعني هذا توقف الحوادث المرورية أو فهي تأتي في سياق ثقافة مرتبطة بأسباب أكبر وأعمق ، فنحن نريد علاج أشمل ورؤية أعمق للتعاطي مع هذه الظاهرة بعيدا عن العواطف والأدلجة كما يحدث في قضايا كثيرة أحيانا .
ومما يؤكد قولي أن السعودية تعتبر من أكثر الدول التي تنتشر فيها الحوادث المرورية فعدد الوفيات في حوادث الطرق يصل لخمسين ألف سنويا فهي أشبه بالحرب الحقيقية ناهيك عن المصابين الذين يعانون وتعاني منهم أسرهم والدولة والمجتمع وتنهار بيوت كثيرة كانت آمنة مطمئنة ومستقرة حتى فقدت عائلها بموته أو عجزه بسبب حادث مروري ، ناهيك أيضا عن الخسائر المادية الخاصة والعامة التي لا يمكن حصرها ، وقلما تجد بيت في السعودية لم يسلم من الحوادث المرورية فهو المتسبب الأول في الوفيات لدينا.
فعندما يصطحب أحد الآباء أبناءه في السيارة ويسابق الريح بسيارته ويتجاوز السيارات وكأنه في سباق فورمولا 1 ويتسلق الأرصفة بسيارته ويعاكس الطرقات ولا يذكر أن هناك شيء اسمه حزام الأمان أو يحمل رضيع في حضن والدته في المرتبة الأمامية أو يقف في أماكن خاطئة أو يعطل السير وهو يتحدث بالجوال أو يبحث عن محل فهو يصنع من هؤلاء الأطفال مراهقين وشبابا متهور تعلّم من والده هذه السلوكيات ، وبعد ذلك يأتي يشتكي من الحوادث وتهور الشباب وحتما سوف يأتي يوما يدفع ثمن هذه السلوكيات أما بأبنائه أو يكون هو ضحية لهؤلاء المتهورين الذي صنعناهم بأيدينا .
أيضا المعلم عندما يخرج من مدرسته ويشاهده الطلاب وهو لم يربط حزام الأمان أو يقف فوق الرصيف أو ينطلق كالصاروخ بسيارته كل هذه ترسخ في أذهان التلاميذ السلوكيات لأنه المعلم هو قدوتهم فيخرج لدينا أجيال متهورة في القيادة وبالتالي المجتمع كله والدولة تدفع ثمن هذه السلوكيات والثقافة . أيضا إعلامنا ومناهجنا كلها مشاركة في انتشار هذه الظاهرة لضعف المعالجة أو الاهتمام بها سواء على سبيل البيئة الإعلامية أو المدرسية أو سلوكيات أفرادها . أيضا التساهل القانوني والشرعي مع هؤلاء المتهورين فبعضهم تسبب في مقتل أسرة كاملة بعد فترة نجده في الطرقات يمارس هوايته سواء التفحيط أو القيادة الجنونية صحيح أن نظام ساهر ساهم في الحد من الحوادث بالرغم من السلبيات المصاحبة له وهذا يدل على أن الحل ليس مستحيلا إذا توفرت الإرادة والعزيمة الصادقة والنية الصالحة لكننا بعيدا عن نظام ساهر نريد زرع قيم ومبادئ وثقافة إيجابية في النشء قد تكون نتائجها تتجاوز علاج هذه الظاهرة لظواهر أخرى ونصنع مجتمع راق يرتقي بهذه البلد في جميع الجوانب والمناحي الحياتية . ختاما أقول إننا نحن من تسبب في ما وقع لابن طارق الحبيب وغيره وسوف تستمر هذه الظاهرة وقد يكون ابني أو ابنك أو ابنه أو ابن المسئول في المرور أوالمعلم أو ذلك المؤدلج أو الوزير أو ذلك القاضي الذي تساهل في حكمه أو المفتي الذي عجز عن إصدار فتوى هو الضحية القادمة لهؤلاء المتهورين الذين صنعناهم بأيدينا وسلوكنا وثقافتنا . وهذه الظاهرة القاتلة تحتاج لوقفة جادة من جميع قنوات التنشئة الاجتماعية والمجتمع والدولة خاصة بما تملكه من وسائل وإمكانيات لأنها في الحقيقة الخاسر الأكبر فعلاج ورعاية شباب مقعد أو في غيبوبة لسنوات بسبب حادث مروري قد يكلف الدولة ملايين - حتى نقضي عليها من جذورها وتصبح الحوادث حالات شاذة لا تذكر .
**********
| |
|